youtube

facebook6

الأستاذ كمال السنانيري رحمه الله

الأستاذ كمال السنانيري رحمه الله (3)

إنَّ قصة زواج "أمينة" من الشهيد "السنانيري" لتبعث على الإجلال والعجب معاً، فقد تمَّ الرباط بينهما حين كان الشهيد كمال السنانيري داخل السجن.
تقول السيدة أمينة: كان هذا الرباط ...قمة التحدي للحاكم الفرد الطاغية الذي قرر أن يقضي على دعاة الإسلام بالقتل أو الإهلاك بقضاء الأعمار داخل السجون.. لقد سجن الداعية الشهيد كمال السنانيري في عام 1954م، وقُدِّم إلى محاكمة صورية مع إخوانه لأنهم يقولون ربنا الله.. وحكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة (25 عاماً) ثم يعاد بعدها إلى المعتقل.
...
وبعد مرور خمس سنوات خرج ليدخل مستشفى السجن، وفيها قابل الأستاذ "سيد قطب"، الذي كان يعالج في نفس المستشفى، وفي هذا المكان طلب "السنانيري" يد "أمينة" من أخيها "سيد"، وبعد عرض الأمر عليها وافقت على هذه الخطبة التي ربما تمتد فترتها لتستمر عشرين عامًا، هي الفترة الباقية لهذا الخطيب المجاهد حتى يخرج من محبسه الظالم، وتم العقد بعد ذلك، على الرغم من بقاء العريس خلف الأسوار المظلمة، وكأن "أمينة" بذلك تعلمنا معاني كثيرة؛ تعلمنا التضحية الفريدة، فقد كانت شابة ولم يفرض عليها أحد هذا الاختيار، إنها عشرون عامًا، ليست عشرين يومًا أو حتى عشرين شهرًا!! وكأنها كذلك تذكر أولئك المجاهدين المحبوسين عن نور الشمس بالأمل والثقة في وعد الله واختياره،
وكان الزوج العطوف يكره لها غبنًا أو ظلمًا، فارسل لها : "لقد طال الأمد، وأنا
مشفِقٌ عليك من هذا العناء، وقد قلت لكِ في بدء ارتباطنا قد يُفرَج عني غدًا، وقد أمضي العشرين سنة الباقية أو ينقضي الأجل، ولا أرضَى أن أكون عقبةً في طريق سعادتك، ولكِ مطلَق الحرية في أن تتخذي ما ترينه صالحًا في أمرِ مستقبلك من الآن، واكتبي لي ما يستقرُّ رأيُك عليه، والله يوفقك لما فيه الخير".، ووصل رد "أمينة" في رسالة تنبئ عن كريم أصلها، جاء فيها: "لقد اخترت أملاً أرتقبه، طريق الجهاد والجنة، والثبات والتضحية، والإصرار على ما تعاهدنا عليه بعقيدة راسخة ويقين دون تردد أو ندم".
ومرت السنوات الطويلة سبعة عشر عامًا، خرج الزوج بعد أن أفرج عنه عام 1976م، ليواصل مع "أمينة" الأمينة رحلة الوفاء والكفاح، وتمَّ الزواج، وعاشت أمينة معه أحلى سنوات العمر. وفي الرابع من سبتمبر سنة 1981م اختُطف منها مرة أخرى ليودع في السجن، ويبقى فيه إلى أن يلقى الله شهيداً من شدة و هول ما لاقاه من تعذيب في السادس من نوفمبر من العام نفسه، وسُلِّمت جثته إلى ذويه شريطة أن يوارى التراب دون إقامة عزاء..
وظلت "أمينة" تعيش على تلك الذكريات الجميلة، ذكريات الحب والوفاء والجهاد والإخلاص.
وكتبت في شعرها: متساءلة بلوعة بعد فراقه:

هل ترانا نلتقـي أم أنهـا *** كانت اللقيا على أرض السراب؟!
ثم ولَّت وتلاشـى ظلُّهـا *** واستحالت ذكـرياتٍ للعذاب
هكذا يسـأل قلبي كلمــا *** طالت الأيام من بعد الغياب
فإذا طيفك يرنـو باــمًا *** وكأني في استماع للجـواب
أولم نمضِ على الدرب معًا *** كي يعود الخـير للأرض اليباب

 فمضينا في طريق شائـك *** نتخلى فيه عن كل الرغـاب
ودفنَّا الشوق في أعماقنا *** ومضينا في رضــاء واحتساب
قد تعاهدنا على السير معـًا *** ثم عاجلت مُجيبًا للذهـاب
حيـن ناداك ربٌّ منع،مٌ *** لحيـاة في جنـان ورحـاب
ولقاء في نعيم دائم *** بجنود الله مرحى بالصحـــاب
قدَّموا الأرواح والعمر فدا *** مستجيبين على غـير ارتياب
فليعُد قلبك من غفلاته *** فلقاء الخلد في تلك الرحــاب
أيها الراحل عذرًا في شكاتي *** فإلى طيفك أنَّات عتـاب
قد تركت القلب يدمي مثقلاً *** تائهًا في الليل في عمق الضباب
وإذ أطوي وحيدًا حائرًا *** أقطع الدرب طويلاً في اكتئـاب
فإذ الليل خضـمٌّ موحِشٌ *** تتلاقى فيه أمواج العـذاب
لم يعُد يبــق في ليلي سنًا *** قد توارت كل أنوار الشهاب
غير أني سوف أمضي مثلما *** كنت تلقاني في وجه الصعاب
سوف يمضي الرأس مرفوعًا فلا *** يرتضي ضعفًا بقول أو جواب
سوف تحذوني دماء عابقات *** قد أنارت كل فجٍ للذهـاب

 

Comments ()
السنانيري.. جهاد رغم العذاب واستشهاد بعد الزواج!
  (1336-1401هـ = 1918-1981م)
مولده ونشأته
وُلد في القاهرة في الحادي عشر من شهر مارس سنة 1918م في أسرة ميسورة، ودرس المراحل الابتدائية والثانوية، ثم التحق بوزارة الصحة قسم مكافحة الملاريا سنة 1934م، ثم استقال من وزارة الصحة سنة 1938م، وفكر في الالتحاق بإحدى الجامعات الأمريكية لدراسة الصيدلة للعمل في صيدلية (الاستقلال) التي يملكها والده؛ إلا أن أحد علماء الدين أقنعه بعدم السفر إلى أمريكا لما فيها من الموبقات، فعدل عن السفر بعد أن هيّأ حقيبة السفر واتجه إلى الإسكندرية لركوب الباخرة المتجهة إلى هناك، وذلك عام 1938م.
ارتباطه بالإخوان المسلمين
انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1941م، وكان من الوعي والإخلاص والحركة ما جعله يبرز ويتقدم الشباب ويكلف بعدد من المهمات، وكان السنانيري التلميذ الوفي لمبادئ شيخه وأستاذه الإمام الشهيد حسن البنا والذي وعى الدرس من أول مرة، وأدرك بأن طريق الدعوة محفوف بالمخاطر، مليء بالأشواك، لأنه الطريق إلى الجنة المحفوفة بالمكاره.
لقد كان يردد عن ظهر قلب ما كتبه الشيخ لتلامذته حيث قال: "سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام عقبة أمامكم وسيحاربكم العلماء الرسميون السائرون في ركاب السلطة، وستحاول كل حكومة أن تحد من نشاطكم وأن تضع العراقيل في طريقكم، وستستعين بذوي النفوس الضعيفة، والقلوب المريضة والأيدي الممتدة إليها بالسؤال، وإليكم بالإساءة والعدوان، فتسجنون وتعتقلون وتشردون وتفتش بيوتكم، وتصادر أموالكم، وتثار ضدكم الاتهامات الظالمة، والافتراءات الكاذبة لتشويه سمعتكم والنيل من أقداركم، وقد يطول بكم مدى هذا الامتحان، وعند ذلك فقط تكونون قد بدأتم تسلكون طريق أصحاب الدعوات...إلخ".
وكان الأستاذ السنانيري يُترجم هذا الكلام إلى واقع حي مشاهد، عاشه هو وإخوانه قرابة ربع قرن في غياهب السجون وظلمات الزنازين وتحت سياط الجلادين من عبيد السلطة وزبانيتها، فلم تلن لهم قناة، ولم ينطقوا ببنت شفة، بل كان ذكر الله على ألسنتهم دائمًا وهم يستشعرون معية الله ورعايته لهم، فيستعذبون العذاب ويلتذذون بالسياط، ويزداد قربهم من الله وشوقهم إلى لقائه.
يقول عنه الأخ عبد الله الطنطاوي في جريدة "اللواء" الأردنية: ".. لقد وجد فيه الإمام الشهيد (مُصعبًا) جديدًا يتفانى في خدمة الدعوة وأبنائها، ويسهر على فهمها واستيعاب أبعادها الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والجهادية، فكان مناط الرجاء والقدوة العملية للشباب باستقامته وورعه وزهده وحركته وبذله من ذات نفسه وماله ووقته وجهده، وبتدينه، فقد كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ويقوم الليل مصليًا وتاليًا القرآن وذاكرًا ربه بدموع سخيّة، وبتواضعه لإخوانه من أبناء مصر ومن الوافدين من الأقطار العربية والإسلامية.
لقد تُوفي أبوه وترك له أسرة مؤلفة من ثلاثة أشقاء، وثلاث شقيقات، وأمه، فكان العائل لهم، وكان الأب الشفيق الرحيم، وإن كان بعضهم يكبره في السن، وهكذا أضيف إلى أعباء الدعوة عبء الأسرة، بل أعباؤها، والأخ كمال راضٍ بما قسم الله وقدره له، يسعى على أسرته ويحرث في حقول الدعوة وميادينها ويغرس الفسائل التي ستُؤتي أُكلها في قابل الأيام.
عمل من أجل فلسطين، كما عمل من أجل مصر، وقدم جهده في خدمة القضايا العربية والإسلامية فازدادت مهماته وازداد معها نشاطه وتضحياته حتى أنه لم يفكر في شراء بيت وأثاث، فهو كثير التنقل والأسفار، وإذا أراد أن يأوي إلى فراش سارع إلى بيت أخته الكبرى ليستريح لحظات ويأكل لقيمات، ثم يبادر، ما ترك أمسه ليومه، وما سيفعله في غده.
رسالة لعبد الناصر
في 28/2/1954م تحركت جماهير الشعب نحو قصر عابدين تنادي بالحريات التي طغى عليها وبغى ناصر وزبانيته، وكان لشهيدنا السنانيري دورٌ كبيرٌ في تنظيم هذه المظاهرة التي ضمَّت مئات الألوف بقيادة العالم الجليل الشهيد عبد القادر عودة، وانهمر الرصاص الآثم على المتظاهرين، وارتفعت أرواح الشهداء عن يمينه وعن شماله، وكمال السنانيري صامد يقود وينظم ويرفع قمصان الشهداء المضرجة بالدماء، يرفعها ويهتف ليرى الناس ويعلموا أي حكم هذا الذي يحكم مصر، وماذا يريد رجال الثورة بمصر وشعبها.
وكان كلاب النظام يرصدون القادة الفاعلين في قيادة تلك المظاهرات وكان فيهم ومنهم كمال السنانيري الذي قضت محكمة الشعب (مهزلة المحاكم التاريخية) قضت عليه بالحكم بالأشغال الشاقة مدة عشرين عامًا.
اعتقل كمال السنانيري في أكتوبر عام 1954م وأفرجوا عنه في يناير 1973م بالتمام والكمال، ولم يكن للسادات فضل في الإفراج عنه فقد أمضى المدة التي حكم عليه بها في سجون الواحات في وهج شمسها المحرقة، ولهيب هواء الصحراء، واشتعال الرمال بالأقدام الحافية.
بعد الحكم عليه ضغطوا على زوجته وأمه لعلهما تثنيانه عن عناده، ويكتب سطرين في تأييد عبد الناصر فأبى بشدة، وقال لأمه التي طلبت منه أن يكتب رسالة استعطاف وشفعت كلامها بدموع سبعينية، فاعتذر لها وقال بشموخ الداعية: "كيف يكون موقفي بين يدي الله إذا أَرْسلت هذه الرسالة ثم مت، هل ترضين يا أمي أن أموت على الشرك؟".
وخيّر زوجته بين البقاء زوجة له أو الطلاق، فالتقطت دمعاتها وقالت: "أبقى زوجة لك أيها الحبيب"، ولكن رجال المباحث الناصرية ضغطوا على أهلها فأجبروها على الطلاق منه.
اعتقاله وسجنه
اعتقل في أكتوبر سنة 1954م وحكمت عليه المحكمة التي أنشأها الطاغية عبد الناصر بالسجن الذي أمضى فيه كامل الحكم حتى أفرج عنه في يناير سنة 1973م، أصيبت أذنه بأذى شديد من التعذيب، فنقل إلى مستشفى القصر العيني، وكان يحمد الله بعد خروجه من السجن لأنه صار يسمع بأذنه المصابة أفضل مما يسمع بأذنه السليمة.
ومن شدة التعذيب الذي لاقاه في السجن كان معه شقيق زوجته التي طلقها وهو في السجن فأصيب بالذهول من فظائع التعذيب الذي لقيه السنانيري حتى أن هذا الشاب جُن وفقد عقله ونقل إلى مستشفى الأمراض العصبية.
وكانت والدة السنانيري وشقيقته الكبرى تواظبان على حضور جلسات المحاكمة الهزلية سنة 1954م، وفي الجلسة الأولى لم تتعرف الوالدة على ابنها كمال لما أصابه من التشويه نتيجة التعذيب، فسألت ابنتها: أين أخوك كمال؟ فقالت لها: إنه الذي في القفص، فردت عليها الأم: لا يا بنتي هو أنا (عبيطة) حتى لا أعرفه؟!
وكان السنانيري قد نحف جسمه حتى باتت ثيابه فضفاضة عليه وحلقوا شعر رأسه ولحيته وكسروا فكه حتى تغير كلامه، كما أن أذنه اليُسرى فقدت سمعها، وبقيت والدته في تلك الجلسة مُصرة على أن هذا ليس ابنها كمال.
زواجه في السجن
وفي فترة سجنه الطويل عقد قرانه على الأخت الفاضلة (أمينة قطب) شقيقة الشهيد سيد قطب وتزوج بها بعد الخروج سنة 1973م ولم يرزق منها بأولاد، لأنها قد تجاوزت الخمسين من العمر.
زهده وورعه
كان بطبعه لا يحب المظاهر ويميل إلى البساطة، ويحب البسطاء من الناس ويهتم بوعظهم وتوجيههم وجمعهم على العقيدة الصحيحة النقية الصافية من البدع والخرافات، وكان زاهدًا في الحياة، يقوم الليل ويصوم الأيام الطويلة... وعاش في السجون لا يلبس إلا الثياب الخشنة.
ورجلٌ هذه حياته وهذا زهده لم يكن غريبًا أن يأبى ما يطلبه منه ضباط السجن وضباط المباحث، طوال مدة سجنه عشرين عامًا، من تأييد لنظام عبد الناصر، آخذًا بالعزائم معرضًا عن الرخص.
خروجه من السجن وجهاده
وبعد خروجه، كان وكأن السجن الذي جاوز العشرين عامًا قد زاده نقاء إلى نقائه وصفاء إلى صفائه وصلابة إلا صلابته، وكان حريصًا على جمع صفوف الإخوان في العالم كله.
وذهب كمال السنانيري لميدان الجهاد في أفغانستان حيث أعطاه جهده وطاقته، وبذل أقصى ما يستطيع لدعمه ورفده وإصلاح ذات البين بين قادته الذين أحبوه جميعًا ودانوا له بالأستاذية فلا يكادون يخالفون له أمرًا في وجوده بينهم.
وحين اعتُقل بعد عودته من أفغانستان، ظل العذاب يُصب عليه من زبانية السلطة؛ ليعرفوا دوره في الجهاد الأفغاني، ودور من معه، فاستعصى عليهم، ولم يخرجوا بشيء رغم الأيام والليالي المتوالية التي أمضوها وهم ينهالون عليه تقطيعًا وتمزيقًا، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة ولقي ربه شهيدًا من شهداء الحق والصدق إن شاء الله يوم 8/11/1981م.
وقد نعاه التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بقوله: "إن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ينعى للعالم الإسلامي الأخ المجاهد الشهيد محمد كمال الدين السنانيري أحد رواد الحركة الإسلامية في العالم، ومن جماعة الإخوان المسلمين الذين قبض عليهم السادات في أوائل سبتمبر سنة 1981م عقب عودته من واشنطن مباشرة، حيث زار أسياده في البيت الأبيض لتلقي الأوامر.
وكان رحمه الله في أيامه رهن التحقيق الذي أشرف عليه الجلاد (حسن أبو باشا) حين ودّع الحياة الدنيا أزهد ما يكون فيها، ليستقبل ريح الجنة أشوق ما يكون إليها.
لقد سقط الشهيد بين جلاَّديه وهم يحاولون انتزاع ما يرضيهم من الطعن في الجماعات الإسلامية، ولكنه استمر يقول: "إن السادات قد فتح قبره بيديه بتوقيعه معاهدة الذل (كامب ديفيد) التي تقضي بتسليم رقاب الشعب المصري المسلم لإسرائيل وأمريكا" (مجلة المجتمع 11/11/1981م).
كتب عنه الأستاذ صلاح شادي: "... عاش كمال السنانيري حياته في سجون عبد الناصر أكثر من تسع عشرة سنة، لا يلبس إلا ثياب السجن الخشنة.. وحتى الثياب الداخلية التي كان لكل سجين حق شرائها من مقصف السجن كان يرفضها لا لقلة من ماله، وإنما كان يأبى إلا أن يعيش متجردًا من كل ما يعتبره ضباط السجن منحة توهب للسجين ترغيبًا أو يحرم منها ترهيبًا.. فآثر رحمه الله أن يتجرد من كل ما يمكن أن يحرم منه؛ ليملك من نفسه ما يعجز الغير أن يملكه منه، كان هذا مفتاح شخصيته الزاهدة المتجردة وكان دأبه على هذا السلوك موضع عجبنا وإعجابنا، فقد كنا نأخذ أنفسنا بالرفق لنستطيع أن نتحمل مشقة الطريق الطويل الذي قدر الله لنا أن نسلكه، أما هو فقد كانت نفسه أطوع لديه من بنانه، فما عاد يحس بمشقة تدعوه إلى الرفق بها" انتهى.
قصيدة زوجته
وقد رثته زوجته أمينة قطب في أكثر من قصيدة، وكانت لها قصيدة حزينة مؤثرة في ذكراه كل سنة بعد استشهاده، وكانت أولى تلك القصائد بعد استشهاده هي قولها:
ما عدت أنتظر الرجوع ولا مواعيد المساء
ما عدت أحفل بالقطار يعود موفور الرجاء
ما عدت أنتظر المجيء أو الحديث ولا اللقاء
ما عدت أَرْقُب وقع خطوك مقبلاً بعد انتهاء
وأضيء نور السُلَّمِ المشتاق يسعد بارتقاء
ما عدت أهرع حين تقبل باسمًا رغم العناء
ويضيء بيتي بالتحيات المشعة بالبهاء
وتعيد تعداد الدقائق كيف وافانا المساء؟
وينام جفني مطمئنًا لا يؤرقه بلاء
ما عاد يطرق مسمعي في الصبح صوتك في دعاء
ما عاد يرهف مسمعي صوت المؤذن في الفضاء
وأسائل الدنيا: ألا من سامع مني نداء؟
أتراه ذاك الشوق للجنات أو حب السماء؟
أتراه ذاك الوعد عند الله؟ هل حان الوفاء؟
فمضيت كالمشتاق كالولهان حبًا للنداء؟
وهل التقيت هناك بالأحباب؟ ما لون اللقاء؟
في حضرة الديان في الفردوس في فيض العطاء؟
أبدار حق قد تجمعتم بأمن واحتماء؟
إن كان ذاك فمرحبًا بالموت مرحى بالدماء
ولسوف ألقاكم هناك وتختفي دار الشقاء
ولسوف ألقاكم أجل. وعد يصدقه الوفاء
ونثاب أيامًا قضيناها دموعًا وابتلاء
وسنحتمي بالخلد لا نخشى فراقًا أو فناء
رحم الله أستاذنا السنانيري رحمة واسعة، وألحقنا به مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
-----------
نقلاً عن كتاب (من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة
Comments ()

كان مثالاً للزهد والتجرد.. نموذجًا فريدًا لصدق الالتزام مع الله.. رائدًا في عزيمة الرجال وصلابة المؤمنين الذين امتلأت قلوبهم بالتقوى والورع؛ فعملوا لدينهم ودعوتهم، ولم تفتُر عزيمتهم ولم يقل جهدهم.

Comments ()

الأكثر قراءة هذا الشهر

جديد المقالات

  • حقيقة النصر بين المفهوم الرباني والمفهوم الإنساني (سورة البروج نموذجًا) >

    يقف الإنسان اليوم بكل ما أوتي من قوة الحضارة المادية والرفاهية الاقتصادية وما أتيح له من كل الإمكانيات التي جعلت العالم بأسره يتنقل بين قاراته ومجرياته بضغطة زر وهو على أريكته بل وعلى سرير نومه، يقف أسيرًا للمعطيات المادية فيحتكم إليها بل وليكوّن تصورًا عن مجريات الكون وأحداثه حسب ما تقدمه الحضارة المادية له من أسباب فيعيش في إطار ضيق المزيد...
  • لكي يكون تغييرك في الاتجاه الصحيح اتبع قواعد التغيير العشر >

    الآن وقد قارب عام جديد على البدء، يسعى الكثير منا للتغيير سواء في أهدافه المادية والمعنوية أو في ظروف حياته أو علاقاته... إلخ. فما هي أفضل وسائل وطرق التغيير الذي يكون للأحسن وفي الاتجاه الصائب؟ في هذا المقال نعرض أبرز عشر قواعد للتغيير مع ذكر الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها لتنفيذ تلك القواعد بنجاح: 1. التغيير عملية معقدةلتحقيق أي هدف من المزيد...
  • إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟ >

    الحرية بين الإطلاق والمحدوديةهل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟إنّ الحر حرية حقيقية كاملة، هو الذي لا قيود عليه البتّة، ولا شرط ولا حَدّ، ويجب أن يكون ذا اقتدار واستغناء تام عن أي أحد أو شيء خارج نفسه؛ لأن الحاجة إلى أي شيء خارج الذات سيتنافى مع طلاقة حريتها وتمام استغنائها. فإذا جئنا للإنسان نجد أنه لا يمكن بحال المزيد...
  • 1

شخصيات بناءة

  • واجبنا نحو القرآن >

    سُئل بعض العلماء: أيّة آية تصلح أن تكون عنوانًا على القرآن كلّه بحيث إذا كُتبت على ظهر المصحف كانت تعريفًا كاملًا به، شاملًا لجميع المعاني الكليّة التي يجدها المتصفح فيه كما تُعَرّفُ الكتب الكبيرة بجمل قصيرة؟ فكان جواب هذا العالِم: الآية التي تصلح لذلك هي قوله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[إبراهيم: المزيد...
  • لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها >

    هذا العنوان جملة إن لم تكن من كلام النبوة فإن عليها مسحة من النبوة, ولمحة من روحها, وومضة من إشراقها. والأمة المشار إليها في هذه الجملة أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وصلاح أول هذه الأمة شيء ضربت به الأمثال, وقدمت عليه البراهين, وقام غائبه مقام العيان, وخلدته بطون التاريخ, واعترف به الموافق والمخالف, ولهج به الراضي والساخط, وسجلته المزيد...
  • قوة الكلمة >

    في بعض اللحظات لحظات الكفاح المرير الذي كانت الأمة تزاوله في العهد الذي مات. . كانت تراودني فكرة يائسة، وتلح على إلحاحا عني. . أسأل نفسي في هذه اللحظات. . ما جدوى أن تكتب؟ ما قيمة هذه المقالات التي تزحم بها الصحف؟ أليس خيرا من هذا كله أن تحصل لك على مسدس وبضع طلقات، ثم تنطلق تسوي بهذه الطلقات حسابك مع الرؤوس الباغية المزيد...
  • 1

188 زائر، و2 أعضاء داخل الموقع

جديد الأخبار

  • ألمانيا تكثف عمليات ترحيل اللاجئين إلى أفغانستان >

    قال وكيل وزارة الداخلية الألمانية، هيلموت تايشمان إن بلاده "قلقة" إزاء تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى إسبانيا، لافتا في الوقت ذاته إلى أن برلين تعتزم تكثيف عمليات ترحيل اللاجئين لأفغانستان. وقال تايشمان، في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية واسعة الانتشار، اليوم الأحد: "نحن قلقون من تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين لإسبانيا، ومتخوفون من أن يتسنى لكثير منهم شق طريقهم إلى المزيد...
  • تفاصيل اعتداء عنصري استهدف أسرتين مسلمتين في كندا >

    أثار الهجوم الإسلاموفوبي الذي تعرضت له أسرتان مسلمتان من أصول فلسطينية وتركية في مدينة تورنتو الكندية، ردود فعل واسعة في المجتمع الكندي. وتعرض محمد أبو مرزوق (39 عاما) الفلسطيني الأصل، يوم الأحد الماضي، للضرب في هجوم إسلاموفوبي، خلال وجوده في منطقة نزهات مع أسرته، ولا يزال يصارع الموت في المستشفى. وقالت زوجته ديانا العطار: إنها وأطفالها لم يتمكنوا بعد من المزيد...
  • قصف روسي مكثف يستهدف عناصر من الدفاع المدني بريف درعا >

    شنت مقاتلات روسية وطائرات ميليشيا أسد الطائفية، اليوم الإثنين، 26 غارة جوية على ريف درعا الشرقي استهدفت قرى وبلدات الحراك وناحتة ورخم والمليحة الغربية والمليحة الشرقية. وأخرجت الطائرات الروسية مستشفى مدينة الحراك عن الخدمة بعد قصفه بشكل مركز،  ما أدى أيضاً إلى مقتل عدد من فريق الدفاع المدني. وذكرت شبكة "أورينت" الإخبارية السورية المعارضة ان عدد الغارات الجوية التي استهدفت المزيد...
  • 1

جديد الفتاوي

  • حجز الأماكن في المساجد >

    السؤال: ما حكم حجز مكان في المسجد بوضع كتاب أو نحوه في الصف الأول أو خرقة معلمة أو كذا؟ الإجابة: الحجر أو التحجر في المسجد إذا كان الإنسان في المسجد فلا بأس، أو تحجر وذهب ليقضي حاجة كوضوء أو شبهه فلا بأس أيضاً. أما إذا تحجر وذهب إلى بيته إلى أهله إلى متجره؛ فإن من العلماء من يقول إن هذا المزيد...
  • قراءة القرآن بالعين فقط >

    السؤال هل القراءة بالعين في مصحف تسمى قراءة ولها شيء من الخير؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:فقد اتفق الفقهاء من أرباب المذاهب الفقهية الأربعة، على أن القراءة لا تكون إلا بتحريك اللسان.قال السرخسي الحنفي: "فإن التكلم ليس إلا تحريك اللسان وتصحيح الحروف على وجه يكون مفهوما من العباد"(1).وقال أبو الوليد ابن رشد المالكي: "لأن القراءة المزيد...
  • بقايا طلاء الأظفار (المناكير)، وأثره على الوضوء >

    السؤال امرأة على أظافرها مناكير (صبغ) وأزالتها قبل التطهر للصلاة، وبعد يومين تقريبا رأت بعض الآثار باقية على أظفارها، فماذا عليها؟ الجواب الحمد لله؛ يجب في الوضوء والغُسل الإسباغُ، أي: غَسل جميع ما يجب غسله في الغُسل والوضوء، وألا يترك من ذلك شيء، فإن نسي موضعًا من أعضاء وضوئه أو بدنه في الغُسل قبل أن تجف أعضاؤه، غسل الموضع وكفى، المزيد...
  • 1
  • من نحن وماذا نريد
     نحن طائفة من المسلمين يتمسكون بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهديه في أصول الدين وشرائعه. ويدعون للاجتماع عليها مع غيرهم من المسلمين. فيحققون الجماعة بمعناها العلمي من الالتفاف حول منهج النبي وصحبه، والعملي من الاجتماع في إطار واحد يَعصِم من التفرق والاختلاف.   فيفارقون بهذه النسبة الشريفة كل من أحدث في دين النبي بدعًا من الأمر، أو فرّق كلمة المسلمين وشق صفهم. وقد ظهرت التسمية في القرون الثلاثة الأولى لما ظهر أهل الأهواء فخرجوا على جماعة المسلمين بمخالفتهم وبِدَعهم، فأصبح من يُعنى بالسنة واتباعها يُشتهر أمره ويسمى من أهل السنة والجماعة، وسميت مصنفاتهم بكتب ”السنة“. ونحن ننتسب إلى تلك…