أديب شاعر إسلامي، من روّاد الجهاد في الديار الشاميّة، مناضل عنيد ضدّ الأنظمة الشموليّة العلمانيّة، ومؤسّس (الطليعة).
أتقتلون رجلاً يقول ربي الله ؟
أديب شاعر إسلامي، من روّاد الجهاد والوطنيّة في الديار الشاميّة، مناضل عنيد ضدّ الأنظمة الشموليّة العلمانيّة، ومؤسّس (الطليعة).
ولد في مدينة حماه، ونشأ بها، درس في المدارس الحكومية، ثم توجّه إلى مصر بعد حصوله على الثانويّة العامّة، والتحق بكلية الزراعة ـ جامعة عين شمس، ونال منها درجة بكالوريوس الهندسة شعبة محاصيل في عام 1384/1964، وعاد إلى حماه بعد تخرجه متعطشا للعلم فانتسب إلى جامعة دمشق، ونال الإجازة في الفلسفة من كلية الآداب سنة1390/1970.
بدأ اشتراكيا علمانيّاً كبعض أفراد أسرته، ثم تعرّف على مبادئ (جماعة الإخوان المسلمين) واقتنع بخطّها الفكري الإصلاحي الحركي، وكان لإعدام القافلة الأولى لإخوان مصر سنة 1374/1954 بالغ الأثر وأعمقه في قلبه ووجدانه، وكان يتساءل أتقتلون رجلاً يقول ربي الله ؟
وعندما بدأت سورية تتجه نحو العلمانية، وأراد حكامها العسكريون صياغة دستور لا ينص على أنّ دين الدولة الإسلام، ولا يعتمد القرآن مصدراً وحيداً للتشريع، ومنهجاً حياً للحياة، شعر بالخطر القادم واتجه نحو التربية، وإعداد الناشئين، ودعا الأمة لتحمل مسؤولية المرحلة الصعبة القادمة، والاستعداد للتضحية والاستشهاد.
وبوصفه مسؤولاً عن قطاع الطلاب في حركة الإخوان المسلمين فقد شارك فياحتجاجات طلاب ثانوية عثمان الحوراني بمنطقة الحاضر في مدينة حماة بتاريخ 7/4/1964،يوم أن خرج الطلاب في مظاهرة احتجاجاً على اعتقال السلطة أحد الطلاب الذي كتب علىالسبّورة الآية القرآنيّة ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) فاحتجَّ الطلاب البعثيون ودارت مصادمات فيما بين الطلبة الإسلاميينوالبعثيين تدخلت المخابرات على إثرها واعتقلت الطالب وقدمته لمحكمة أمن الدولة التيحكمت عليه بالسجن لمدة عام مع تغريمه مبلغاً من المال، وطالب الطلاب في مظاهرتهممدينة حماة بالإضراب فاستجاب التجّار وأبناء الشعب وأغلقوا محلاتهم، واعتصم في مسجد السلطان بحماه مع إخوانه الذين التفّوا حوله، فسيق إلى السجن، وهناك ولدت فكرة (تنظيم الطليعة) في ذهنه، وقضت محكمة عرفية بإعدامه، ثم أفرج عنه، فتابع نشاطه الدعوي غير هياب ولا وجل.
وساهم في النشاط الجهادي المساند لمنظمة التحرير الفلسطيني، بعد هزيمة العرب الثانية في حزيران 1387/1967، وانضم إلى معسكرات الشيوخ في منطقة الغور، وشارك في عدّة عمليّات جريئة.
كان الشيخ مروان داعية جهاد وتحرير، حتّى أنّه كتب في إحدى رسائله إلى العلماء يقول: ما الفرق أيها العلماء بين قول الله تعالى: (كتب عليكم القتال)، وبين قول اللهتعالى: (كتب عليكم الصيام) ؟، وما معنى " كتب " في الأولى و " كتب " في الثانية؟، وإذا كان معنى " كتب ": فرض، فبالتالي كان القتال فرضا على المسلمين، كما هوحال الصيام، ولكن إذا كان موعد الصيام رمضان، فمتى موعد القتال ؟ أفتونا يامعشر الفقهاء.فبأي حجة أيها المسلمون تعفون أنفسكم من القتال ؟.
أثنى عليه الأستاذ حسني أدهم جرار فقال: كان فارساً صلباً من فرسان الدعوة الأوفياء، أعدَّ نفسه للجهاد متسلحاً بقوة الإيمان وقوة الجسم، وربّى جيلاً قرآنياً مجاهداً قلّ نظيره في الأمة الإسلامية في هذا الزمان.
وتحدّث عن أغرضه الشعريّة فقال: لعلنا لا نبالغ إذا قلنا: إنه لم تخل قصيدة من قصائد ديوانه من الحث على الجهاد أو الدعوة إليه، حتى إننا نجده في كثير من المواضع يفرد قصائد خاصة بهذا المضمون، ولقد بلغت نسبة مجموع هذه القصائد ما ينيف على نصف الديوان، ومن ذلك قصيدة (المجاهد) و(المقاتل المسلم) و(أعلنت الجهاد) و(فرسان الحق) و(طريق الحق) و(أنشودة القتال) و(أخلاق المجاهد) وغيرها كثير.
وتحدّث عن شعره السياسي والاجتماعي فقال: كانت نظرات مروان السياسية والاجتماعية منبثقة من منهجه الإسلامي وعقيدته في الدعوة إلى الله.. فكان ينتقد كل حكم لا يعمل بدستور الإسلام ومبادئه العادلة، وينتقد كل تواطؤ مع الأعداء الذين احتلوا ديارنا واغتصبوا أرضنا ؛ ولم يكتف مروان بهذا الكلام، وإنما قام بتدريب مجموعة من الشباب على القتال.. وشارك هؤلاء الشباب في كثير من العمليات الفدائية داخل الأرض المحتلة، واستشهد عدد منهم.
أما الجانب الاجتماعي في شعره، فكان ينتقد حال المجتمع وما يدور فيه من التهتك والفساد والتضليل، ويصف حال الشبيبة التي تربّت على الانحراف والإباحية.
وكان يرى أن النصر العسكري منوط أولاً بالنصر الاجتماعي في السلوك والأخلاق والمعتقد.
أما الأغراض الأخرى في شعره، كالرثاء والفخر والهجاء والمديح والحكمة، فلم يفرد قصائد في شعره من هذا القبيل، وإنما نجد شيئاً منها عبر قصائده عندما يقتضي الحال.. ففي الرثاء مثلاً نراه يرثي شهداء الإسلام في قالب عقائدي ديني يختلف عن مقومات الرثاء المعروفة في الشعر العربي التقليدي.
وأما فخره ـ رحمه الله ـ فهو فخر مبني على بواعث الحماس، وشحذ الهمم، وإعداد القوة من أجل مقارعة أعداء الله.
والمديح في شعره مديح لشباب الإسلام في مواقفهم الشجاعة، وفي خصالهم الدينية والتربوية والبطولية، والتفاني في الدعوة إلى الله.
أمّا شعره في الشهادة والشهيد فقد بلغ فيه القمّة والروعة ومنه قوله:
عـاد بعد الموت حيّاً |
ذكـره كـان عليّـاً |
|
في جنان الخلد يمشي |
هانئ النفـس رضيّاً |
|
كان في الدنيا شجاعاً |
ثابـت الخطـو أبيّاً |
|
لم يكن يخشى كفوراً |
أو ظلـوماً أو شـقيّا |
|
لم يكن يرضى بـذل |
مـنذ أن كـان تـقيّا |
|
إنّما يـرضى بـذل |
كل من كـان عصيّاً |
|
عاهـد الرحمن يوماً |
مـنذ أن كـان صبيّاً |
|
أن يعيش العمر دوماً |
طـاهراً حـرّاً تـقيّاً |
وبعد استشهاده جمعت أشعاره في (ديوان القائد الشهيد مروان حديد) وقام محمد الناصر المزني بتحقيقها ونشرها عام 1403/1983، وكتب مقدمة الديوان الشيخ سعيد حوّى، تحدّث فيها عن أثر الشهيد في الحركة الإسلاميّة المعاصرة، وأثنى على شجاعته وبسالته، وكتب ترجمة الشاعر الشيخ نافع العلواني.
وألف (رسالة الجهاد).
شعر الشيخ مروان بالخطر، ورأى أنّ عيون النظام تلاحقه، فتوارى عن الأنظار في دمشق، وفي عام 1395/1975 قامت مفرزة أمنيّة باعتقاله مع بعض تلاميذه بعد اشتباك قصير، وجرت تصفيته على سرير الشفاء في مستشفى حرستا العسكري بضواحي دمشق في ظروف غامضة، ولم يُسمح لأهله بدفنه في حماة، فدُفِنَ في مقبرة الباب الصغير بدمشق.
_______________________________________________________________ (1) الإخوان المسلمون والمؤامرة على سورية ص 137 جابر رزق. (2) شعراء الدعوة الإسلامية ج 5 ص95 أحمد الجدع وحسني جرار. (3) موقع أدباء الشام، مقال: مروان حديد، لحسني أدهم جرار.
Comments (